في الحقيقة، ربما يكون هذا مقالي الأخير في المدونة. أفكر في تغيير نشاطها كليًا أو إغلاقها. وسأدرس هذا القرار بعدما أنتهي فقط من امتحاناتي التي ستدوم شهرين منذ بداية أكتوبر.
لذلك أنا متحرر قليلًا من أي «نيتش»، وأرغب فقط الآن في الحديث عن مشاعري الخاصة؛ لأن هناك رغبة ملحة داخلي تدعوني لذلك.
دعني فقط أبدأ بقول: «لا تثقوا أبدًا فيما يقوله الناس، خاصةً في البداية». لا أقصد هنا مديح الكلمات أو الثناء على جودة أعمالك، وإنما أتحدث عن العلاقات الاجتماعية والعاطفية خصوصًا.
أمر منذ شهر تقريبًا بحالة وجدانية كريهة، تدعوني للتفكير في كل شيء. وهذا بسبب علاقة عاطفية مضحكة!
الحقيقة هي لم تكن مضحة منذ أسبوع، أو حتى في بداية هذا اليوم. ولكن حينما أفكر فيها الآن وأنا أكتب أتذكر كما كان كل شيء يُمهيِّد للرحيل.
أعلم أننا نبصر عيوب مَن نحبهم منذ اليوم الأول جيدًا، أنا أثق بهذا. ولكن جاذبية البداية وفضول الاستكشاف ورغبة الإنسان في أن يقترب من أحدهم تدفعه للكثير من الطرق التي يعلم نهايتها.
أظن أنها متلازمة في علم النفس، هي أن نبحث عن الأشياء التي نكرهها لكنها تجذبنا بصورة غير واعية، فنتلصق بما يضرنا على أمل أن تختلف نتيجة الأفعال السابقة.
وأسأل نفسي الآن: هل كان الأمر يستحق؟ هل يستحق أي شخص مشاعر شخص آخر بكل ما فيها من شغف وقوة وضعف ورغبة وحيوية وثبات وتغير؟
هل يستحق الأمر مني بذل كل هذا الوقت والمجهود، وإطاحة الكثير من الأعمال في سبيل المخاطرة بحب شخص ما، تتعاظم احتمالات فراقه أكثر من قربه؟
والأبشع من كل هذا أن يأتيك جمل مثل:
«أنا مستحيل أظلم حد ومشاعره»
«أنا بحترم جدًا مشاعر الناس اللي معيَّ، ودايمًا بفهم في الذوق والأصول»
وغيرها من الجمل المضحكة جدًا، التي لن تفهمها إلا بعد أن تصطدم بحقيقة أن هؤلاء الأشخاص هم أكثر مَن يبتعد ببشاعة، ومَن يظلم في الجوار وفي الفراق، وهم لا يعبأون أبدًا بما تحمل.
بل همهم المقدس والوحيد هو تضليل مشاعرك وحماية مشاعرهم الخاصة، والفرار حينما يجدون صيدًا آخر أو يملون من الصيد القديم.
هناك مغاور وأسرار في نفوس البشر. ومهما وثقنا.. ومهما آمنا.. ومهما جعلونا نؤمن ونصدق ونحتمي، فهناك جزء لا يطمئن حينما تتعامل مع نفس بشرية متقلبة الهوى ولا تعرف حتى كيف تُدير نفسها.
إننا نلقي بأنفسنا في متاهات ومتاهات في سبيل الحصول على الأمان والحب والرغبة، في حين نسجن فينا الشكوك وأخطاء الماضي، لنسأل في مرحلة ما: هل استحق الأمر فعلًا كل هذا العناء والمجاملات والتضحية والكلام والأوقات؟
هل نشوة الحب -قوية المفعول قصيرة المدة- تستحق فعلًا كل هذا الألم؟
في الحقيقة، أنا أرفض هذا الألم. ربما لأنني أشعر بالألم أضعافًا مضاعفة من شعوري بالحب. الحب أحيانَا يُزيف، وأحيانًا نسلطه على الآخرين؛ لأن قلوبنا نقية ولا تعرف إلا الحب.
في حين أن الألم دائمًا حقيقي ويشير إلى شيء ما ونستطيع أن نستدله بألف قول وفعل وشعور.