خواطر متفرقة: عن أحاسيس الألم ونشوة اللامبالاة

الخاطرة الأولى: لا علاقة لي بما يحدث في العالم

أود ان أدرب نفسي كل يوم على رؤية الأشياء كما هي بصورتها العامة، دون أي تفاصيل. لا أريد عُمق الأمور أو خبايا الحدث.

حين أسير في طريق، أود أن آراه مجرد طريق، لا مكان يُظهر فروقنا ويسير به أشخاص أنهكتهم الحياة وكل واحد منهم له قصة مختلفة من المعاناة.

بل هذا مجرد طريق.

وهذه مجرد وردة جميلة لا أكثر، لا تحمل معنى سحريًا ولا تود أن تتواصل معي برسالةٍ ما.

هذه قصة كتبها مؤلف بارع، ولا تربطني علاقة بشخصياتها.

وهذا مجرد شخص أجلس إلى جواره في المترو، ليس عليَّ أن أنغمس في حياته وخطوط قدره لهذا الحد.

هذه مجرد مدينة أعيش بها ويهمني أن أكسب ما يحفظ حياتي وإرادتي، لا مشكلات جماعية إضافية عليَّ مواجهتها كل صباح.

وهذه مجرد كلمات كتبتها، ولا ينبغي عليَّ الاهتمام بأن يقرأها أو يفهمها أحد.

في النهاية، هذه الحياة مجرد مسار يجب أن أسلكه وليس عليَّ التفكير دومًا في توابع كل حدث.

أود التخلص من الانغماس في التفاصيل ومعايشة الأحداث بمشاعر مكثفة. أود فقط أن أشعر بسطحية الموقف دون أن تتسرب شباكه إلى داخلي وتتلاحم معي.

هذا الشيء الذي أراه هو مجرد الشيء الذي أراه، دون تفسير.. تبرير.. أو إضافات..

هذا هو هذا.. لماذا؟

لأنه وُجد هكذا.


الخاطرة الثانية: الحل الأمثل لاستقبال الشتاء

إن العلاقة بين المشروبات الساخنة والشتاء يصعب تفسيرها بالمنطق. إنها تمنحك ما لم يمنحه لك العالم، الدفء. ذلك الشعور الحميمي بانتقال الطاقة منها إلى يديك، شفاهك، ثم سريانها الطبيعي في مجراها الداخلي.

وبمناسبة تلك اللحظات القليلة المشحونة بالشجن والاحتواء. أُهدي سلامًا حقيقيًا، لكل من شابه مشروباتنا الساخنة؛ مَن يمنحنا الدفء حينما نصبح على شفا حفرة من التصلب.


الخاطرة الثالثة: هل تعود؟

هل تعود؟
أريدك مرةً أخرى، ولكن بمشاعر أول مرة..
أريد أن أتفحصك كأني أستكشف التشريح الخارجي لأول مرة..
على شفتاك ضحكة هي أطيب من كل كلماتي..
وفي عينيك حزن يجذبني ولكنه يصنع أمانًا كأنك تشاركني في المعاناة..
وفي يديك، نبضات تحركني أنا..
أريد أن نسير بعيدًا وننظر من خلف زجاج السيارة للعالم الخارجي، فنحزن من أجله؛ لأنه لا يشعر بما نشعر به هنا..
أريد هذا الحب الطائش وأن أتعلق بالأمل راجيًا إياه أن تدوم معي حتى هذه الليلة فقط..

أريد أن نتجادل وكأننا بالفعل نأبه!
أن أقترب منك شاعرًا نبضات قلبك، لأنك منزعج أنني تأخرت عليك في الرد قليلًا ولم أقل لك «صباح الخير» فور أن استيقظت.

فهل تعود؟


الخاطرة الرابعة: كيف أزيلك من قلبي؟

لا أحبك… لا أكرهك
لا أعرف ما شعوري تجاهك سوى أنني أتألم

تمر اللحظات تلو اللحظات.. في شوارع مدينتا
تلك الشوارع التي قطعتها سعيًا إليك.. وهربًا منك

يقشعر بدني بمجرد أن أتذكر ملمسك
كيف انخدعنا أو دعني أقولها بوضوحٍ أكثر:
كيف خدعنا أنفسنا وجسدنا هذا المشهد بكل هذه المشاعر؟

كيف نناقض ما نؤمنه؟
وكيف نحب ما يؤلمنا؟
وكيف نرتاح في أحضاننا ونحن متعبين معًا ومنّا؟

لا أحبك..
لا أكرهك..
لا أتصور أنني أحببتك
ولكنّي أحتاجك، وأبتهج لرؤيتك
تجعل ضحكاتك لمشاعري بهجة
وتجعل رسائلك لأيامي استمرارًا

أكمل كل ما أكرهه؛ لأنني أعرف أن غدًا ألقاك
وحينما ألقاك أحزن
ستعود الدائرة المفرغة
وسنظل مهمشين معًا
إلا بعض الدقائق التي تمنحها لنا الفرص والحياة والدراما

إنه محزن
وعميق كاللون الأزرق الداكن
بلا ملامح
وكأنه رُسم برصاص حاولنا مَسحه بممحاة سيئة
قلب صغير جدًا، لم يكن يتسع لأحدٍ سواك
جئت وانتشلته
ثم تركته بجروحه.. كما هو صغيرًا لكن ممتلئًا بكل ما يؤلم
وبكل ما لا يُشفى
وبكل ما لا يصح البوح به

هيا لننسى
لنزيف العادي
ونظهر كما لو أننا تجاوزنا
قلبنا الصغير بجروحه القبيحة

هيا لنعش حكايات وحكايات
مع أناس لا نشعر بحكاياتنا معهم
ولتمضي الأيام.. كما اعتدنا
بيأس.. وبملل ساعات العصر
وبكل تهيؤاتنا عن أي أملٍ محتمل

وحدها وسادة النوم تنقذني
ولم نكن يومًا غريبين عن بعضنا فقط
بل إننا كنا أبدًا ودومًا غرباء عن أنفسنا نحن أيضًا

لا نعرف
ولا أعرف
هل أحبك؟
هل أكرهك؟
وكيف أتخلص منك في عقلي؟
وكيف أزيل آثار بصمات أصابعك من قلبي؟


الخاطرة الأخيرة: إياكم أن تفعلوا (نصائح لليالي الحب الأولى)

إذا كنتم في البداية وشعرتم أنكم ستحبون أحدهم، لا تسألوه عن أغانيه المفضلة.. لا تعرفوا الكتب التي أعجبته.. لا تلمسوا يده أو تستنشقوا عطره بقوة..

لا تحكوا كثيرًا عن الماضي.. لا تعلنوه جزءًا من المستقبل.. لا ترتاحوا فتُعبروا عن رغبتكم في التمسك بهم.. لا تخبروهم كلامًا مختلفًا وارفضوا بالمِثل كلامهم المختلف عنكم.

لا تجعلوا الحب يشعركم في بداياته بالتميز إلا بعد أن تتأكدوا وتعيشوا تقلباتٍ وتقلباتٍ معًا، عندئذٍ يمكن البوح بالأسرار، ولكن ليست كل الأسرار.

توقع الخذلان أحيانًا يحميك؛ وأنا هنا لا أصرفك عن الحب، ولكني أقول أنه حتى في أعمق لحظات شعورك، كن طبيعيًا وفرحًا، نعم.. تمتع بمشاعرك ولكن لا تأمن.

هي مساحة صعبة بين أن نرغب في قول كل شيء والتعري عن كل شعور، وبين أننا نقول هذا لشخص ربما نفقده.. ربما تقرران الابتعاد.. ربما ينقلب حاله.. وربما-ات كثيرة.

تمتلئ الحياة بالاحتمالات، والإنسان جاهل بطبعه، فضع لمشاعرك بعض القيود، لعلها تنجيك أو تدعمك في الاحتماء من احتمالات أخرى.

والنصيحة الاخيرة، إياك والبوح بكل شيء.. إياك والمشاركة في كل شيء.. إياك أن تصدق كل شيء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: